السكتة الدماغية.. أعراضها وتداعياتها

الكثير منا يهمل بعض الأعراض الصحية غير العادية التي يشعر بها على أمل أن تختفي من تلقاء نفسها.. فتتطور إلى درجة تهديد الحياة. فالصداع الحاد مثلا قد يكون من الأعراض الأولى للاصابة بالسكتة الدماغية وسرعة التصرف هنا قد تنقذ حياة المريض.

تختلف السكتة الدماغية عن القلبية في أن الأخيرة تمنح الأطباء 6 ساعات للتعامل معها وانقاذ من يصاب بها، في حين يسابق الأطباء الوقت حين ينقل إليهم مريض مصاب بالأعراض الأولى للسكتة الدماغية، لأن أمامهم دقائق قليلة فقط لإنقاذه، فالدماغ يكون في حالة خطيرة بمجرد أن تظهر اضطرابات في النطق والرؤية، ولا يستطيع الشخص المصاب بالجلطة الدماغية الاحتفاظ بيده ممدودة إلى الإمام.

كيف يمكن التعرف عليها؟
ما يسميه الأطباء بـ «الزاوية المنحنية» إحدى الإشارات التي تمثل تحذيرا لبداية السكتة الدماغية، لانه عندما يحاول المريض الابتسام لا ترتفع زوايا الفم إلى المستوى نفسه، كما أن المصاب بالسكتة لا يتمكن من مد يديه أمامه لان واحدة منهما تهبط بسرعة بعد رفعها. أما من الأعراض الواضحة التي تعتبر أكثر خطورة من غيرها، فتكمن في حدوث اضطراب في النطق، لان المصاب بالسكتة عادة لا يستطيع النطق بعبارة واحدة متماسكة.
كما تظهر أعراض أخرى لدى الإصابة بالسكتة منها حدوث إشكالات في الرؤية والتعرض لصداع حاد، لذلك فإن ظهور هذه الأعراض يعني ضرورة اللجوء فورا إلى الطبيب من خلال الاتصال بسيارة إسعاف، لان التصرف السريع يحمي الدماغ.
ماذا يحدث خلالها؟
يحدث في اغلب الأحيان أثناء الجلطة الدماغية انغلاق الشرايين التي تزود الدماغ بالدم وعدم وصول الأوكسجين والغذاء اللازمين لأنسجة المخ، وذلك بسبب تخثر الدم أو بسبب حدوث اضطراب في الجريان الدموي الدماغي، أو ما يسمى بالسكتة النزفية.
وفي كلتا الحالتين فان جزءا من الدماغ يكون في حالة عزلة أو انقطاع، وبالتالي يكون معرضا لخطر الاصابة بضرر لا يمكن إصلاحه، لهذا يلعب الوقت دورا حاسما هنا. فإيصال المريض بسرعة إلى المستشفى يمنحه الأمل ببقاء وظائف الدماغ سليمة، أما الوظائف التي تعرضت للإصابة فتقل احتمالات ضررها لفترة طويلة.
موت الخلايا الدماغية
تموت الخلايا الدماغية خلال دقائق قليلة نتيجة لنقص الأوكسجين والمواد الغذائية في الجزء المركزي من المكان المصاب، أما الخلايا العصبية الأقرب إلى المكان المصاب فتموت بعد عدة ساعات، لذلك يتوجب على طاقم سيارة الإسعاف نقل المصاب فورا إلى المراكز المختصة، لأنها تمتلك الأجهزة اللازمة والخبراء المؤهلين في مكان واحد.
وهذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة لحياة المريض، لأنه من غير المسموح في هذه الحالات فقدان أي دقيقة من الوقت. كما أن الأمر يتطلب إجراء العديد من الفحوص اللازمة قبل البدء بمعالجة الشرايين المغلقة، أما نقل المريض من مكان إلى آخر في المشفى، فيلحق به ضررا بالغا.
ويعرف الطبيب منذ الفحص الأول ما إذا كانت الجلطة أو السكته الدماغية قد نجمت عن السبب الأكثر شيوعا، أي عن تخثر، لأنه في خمس الحالات فقط يحدث تفجر شريان وتسرب الدماء إلى الدماغ وبالتالي حدوث نزيف فيه.
تشخص المراكز المتخصصة بمعالجة السكتات الدماغية الوضع من خلال الفحص بالتصوير المقطعي، أو التصوير بالرنين المغناطيسي، أو بالموجات فوق الصوتية التي تستبعد الإصابة بالسكتة نتيجة لتفجر الشرايين.
إن كل نوع من أنواع السكتة يتطلب المعالجة بطريقة مختلفة، فبعض المرضى الذين حدثت لديهم السكتة نتيجة انفجار الشريان يمكن أن تساعدهم العملية الجراحية العصبية، في حين إن الكثيرين لا يمكن مساعدتهم بهذه الطريقة ويموت عمليا نصف الناس الذين يصابون بالنزيف الدماغي. أما عندما يتعلق الأمر بالإصابة بالسكتة الاقفارية، فيعمد الأطباء إلى إدخال مواد إلى الجسم عن طريق الشرايين تحلل التخثر القائم في الدم.
اضطرابات حركية
تؤكد الدراسات بان معالجة المصابين بالسكتة الدماغية قد تنجح في حال البدء بالعلاج خلال فترة لا تزيد عن أربع أو خمس ساعات من بداية شعور المريض بالأعراض الأولى للسكتة، لهذا من الضرر بمكان محاولة الالتفاف على السكتة من خلال النوم لان أعراضها لن تختفي في الصباح، بل سيزداد وضع المصاب سوءا.
في حين إن وصول المريض بشكل سريع إلى الطبيب يمكن أن يجعله يعود إلى حياته الطبيعية بشكل يخلو من أي تداعيات تقريبا، لكن يحدث في اغلب الأحيان لدى الناس الذين أصيبوا بالسكتة ظهور اضطرابات حركية في إحدى الرجلين أو اليدين أو فقدان الحس في النصف العلوي أو السفلي للجسم، كما يحدث أحيانا تعطل في المقدرة على القراءة أو الكتابة، إضافة إلى حدوث إشكالات في النطق. لهذا فان العلاج الفيزيائي جزء من العلاج المتبع لإعادة الشخص إلى حياته شبه الطبيعية. وفي هذا المجال يحاول الأطباء نقل وظائف الأعضاء التي تضررت إلى الأجزاء التي ظلت سليمة.
ويحتاج إلى النصح ليس فقط الشخص الذي أصيب بالسكتة الدماغية وإنما أفراد عائلته أيضا، لأنه سيحتاج إلى مساعدتهم، الأمر الذي يشكل مهمة ليست سهلة للعائلة تحتاج إلى توافر إرادة كبيرة.

عوامل خطورة
من العوامل التي تؤثر في نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية:
ارتفاع ضغط الدم
تشير العديد من الأبحاث إلى أن ارتفاع ضغط الدم يقف وراء %40 من حالات السكتة الدماغية. ويعتبر ضغط الدم مرتفعا إن تجاوز الضغط الانقباضي 140ملم زئبق والضغط الانبساطي 90 ملم زئبق.
التدخين
يرتفع احتمال إصابة المدخنين بالسكتة الدماغية إلى %50 أكثر من غير المدخنين.
الاعتلال القلبي الوعائي
تشكل الحالات القلبية التي تشتمل على قصور القلب الاحتقاني والنوبة القلبية السابقة واعتلال القلب والصمام الحاد أو تبديل الصمام والرجفان الاذيني (خفقان قلبي) عوامل يمكن أن تجعل الإنسان عرضة لسكتة دماغية.
نوبة احتقانية عابرة
قد لا تدوم هذه النوبة لأكثر من بضع دقائق مسببة أعراضا بسيطة، إلا أن %20 من حالات السكتة الدماغية تسبقها نوبة احتقانية أو أكثر، وبالتالي كلما زاد عدد النوبات الاحتقانية تعاظم خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
ارتفاع مستوى الكوليسترول
يعتبر ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم من العوامل التي تزيد احتمال الإصابة بالتصلب.
الوراثة
يتعاظم خطر الإصابة بالسكتة الدماغية إن كان أحد الأبوين أو الأخ أو الأخت تعرضوا سابقا لسكتة دماغية، بيد أنه لم يتضح حتى الآن إن كان السبب وراثيا أم عائدا إلى أسلوب الحياة.
السن
يتزايد بشكل عام خطر السكتة الدماغية مع تقدم السن.
الجنس
احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية أعلى لدى الرجال من النساء حتى سن الخامسة والخمسين، أما بعد هذه السن ومع انخفاض مستوى الاستروجين عند المرأة خلال سن اليأس، فيتساوى الخطر لدى الجنسين.