أبدت السلطات الأمنية الألمانية قلقها من ظاهرة انتشار موقع التواصل الاجتماعي الـ"فيسبوك"، في تعميم دعوات لحفلات شخصية تتحول إلى تجمعات جماهيرية فوضوية تخرج عن نطاق السيطرة، وتنتهي بمواجهات مع الشرطة، وحدوث إصابات بدنية، واعتقالات، وإتلاف لممتلكات عامة وخاصة.
ونقل موقع الجزيرة نت عن وزيرة شؤون المستهلك إلزا أيغنر قولها إن "شبكات التواصل الاجتماعي لاسيما فيسبوك لا تتحمل مسؤولياتها تجاه القاصرين، الذين يمثلون الشريحة الكبرى من مستخدميها"، مطالبة الفيسبوك بـ"تعديل قواعد استخدامه وتحسين حماية الخصوصيات، وتقديم إيضاحات كافية للأطفال والشبيبة عن الأخطار القائمة عند استخدامهم للشبكة".
وكانت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل طالبت إدارة الفيسبوك بتحسين إجراءات حماية، وتوعية مستخدميها بعد تحول حفلات لأعياد ميلاد وجهت الدعوة إليها في الأسابيع الماضية عبر الموقع في مدن ألمانية مختلفة إلى تجمعات فوضوية حاشدة خرجت عن سيطرة الشرطة.
واستغربت أيغنر من "سهولة تحويل مناسبة مسجلة في فيسبوك إلى فعالية مفتوحة للعالم"، موضحة أن "سهوا بسيطا من مستخدم فيسبوك عن علامة الخصوصية كفيل بتحويل حفل شخصي إلى تجمع جماهيري فوضوي مثلما جرى بعدة مدن ألمانية في الأيام الماضية".
وكانت الشابة الألمانية تيسا، دعت على موقع "فيسبوك" لحفل عيد ميلادها الـ16، وذكرت تفاصيل الاحتفال أمام منزل والديها، ونسيت وضع علامة "خاص" على الدعوة، ما أدى لحضور 1600 شخص للمشاركة في المناسبة.
وأخذ الجدل الألماني حول حظر حفلات "أعياد ميلاد فيسبوك" منحى تصاعديا بعد إصابة واعتقال العشرات، إثر مصادمات جرت بحفل لعيد ميلاد الشابة، والذي أقيم بإحدى ضواحي مدينة هامبورغ بشمال البلاد.
وبدأ هذا الاحتفال هادئا، وانتهى بمصادمات واسعة مع الشرطة، بعد إشعال الشبان المخمورين النار في صناديق القمامة، وتحطيمهم للسيارات، وإتلافهم للممتلكات في الشارع.
وفي هامبورغ أيضا، دعا مجهولون عبر موقع فيسبوك إلى حفل جماهيري "للسكر حتى الإغماء"، للاحتجاج على حظر شرب الخمور بوسائل المواصلات.
وسجل 16 ألف شخص أنفسهم للمشاركة في هذا الحفل قبل أن تقوم الشرطة بحظره، كما تدخلت الشرطة في ولايات شمال الراين وبادن فورتمبرغ وبافاريا لفض حفلات عدة حفلات عشوائية تمت الدعوة إليها من خلال شبكة "فيسبوك".
ودفع انتشار هذا النوع من الحفلات وزراء داخلية عدة ولايات ألمانية للمطالبة بإلغائها، ومن هؤلاء وزير داخلية سكسونيا السفلي أوفه شوينمان الذي طالب بمنع أي حفل يتعرض فيه رجال الشرطة والأمن للخطر، وإذا جرى هذا الحفل فعلى الأجهزة الأمنية التدخل لفضه.
في المقابل، اعتبر رئيس لجنة الداخلية بالبرلمان الألماني فولفغانغ بوسباخ أن "تحول احتفالات توجه الدعوة لها من خلال فيسبوك إلى اضطرابات لا يعطي مبررا قانونيا لإلغائها".
لكن رئيس حزب القراصنة المدافع عن حرية مطلقة على الإنترنت، سباستيان نيرتس اعتبر أن "الجدل حول حظر حفلات فيسبوك من جانب آخر له أهداف سياسية".
وتخوف "من كون هذا الجدل مقدمة لتغليظ قانون التجمع والتظاهر"، متهما السياسيين المطالبين بحظر الدعوة لفعاليات شبابية على فيسبوك بـ"الجهل بمزايا شبكات التواصل وأخطارها علي الناشئة".
من جانبها، توقعت مديرة معهد المسؤولية الإعلامية زابينا شيفر "ألا تحظى الدعوة لمنع حفلات فيسبوك بتأييد مجتمعي مماثل لتأييد واسع نالته الدعوة لحظر مواقع الاستغلال الجنسي للأطفال على الإنترنت".
وأضافت الباحثة الإعلامية "أن الاحتجاجات الأسبوعية الواسعة المتواصلة منذ شهور بمدينة شتوتغارت ضد مشروع لهدم محطة القطارات التاريخية تم تنظيمها عبر فيسبوك، الذي انفرد بعرض أفلام فيديو تظهر عنف الشرطة مع المتظاهرين".
وذكرت أن "لديها انطباعا عن تخوف السياسة الرسمية بشدة من النمو الكبير لمجموعات فيسبوك الشبابية المعارضة، مثل الديمقراطية الآن وحركات السلام ومناهضة العولمة".
ويعد موقع "فيسبوك" أكبر موقع للتواصل الاجتماعي في العالم من حيث عدد المستخدمين، وشهد ارتفاعا كبيرا في عدد مستخدميه العام الماضي، حيث تجاوز عددهم أكثر من 500 مليون، 70% منهم من خارج الولايات المتحدة الأميركية، و21 مليون منهم في العالم العربي.