رياح من التغيير طالت مناهج وزارة التربية لتضفي عليها شكلاً ومضموناً مختلفين كلياً عن سابقاتها، الأمر الذي فرض طريقة تعامل مختلفة مع هذا المنهاج من قبل القائمين على العملية التدريسية وحتى أهالي الطلاب الذين أرغموا على أن يتابعوا مع أولادهم دروسهم اليومية بعد أن كانت المتابعة تقتصر على السنوات الدراسية الأولى، وهذا طبيعي نتيجة لما يتضمنه المنهاج الجديد من معلومات تتطلب المزيد من المتابعة والإيضاح سواء من قبل المعلم أو الأهل.
آراء الأهالي والمدرسين
بعد مضي أول فصل دراسي ومع البدء بفصل دراسي ثانٍ رصدنا آراء أهالي الطلاب وبعض الأساتذة في تقييم للمناهج التربوية:
معظم أهالي الطلاب الذين التقيناهم أشادوا بالمناهج الجديدة، من حيث جماليتها وغناها بالمعلومات التي تلائم طبيعة عصرنا الحالي، إلا أنهم تذمروا من صعوبة فهم أولادهم لبعض الفقرات الواردة في بعض المواد، إضافة إلى ما يقتضيه المنهاج الجديد من متابعة حثيثة ويومية لأبنائهم الذين أعيتهم كثافة المعلومات الواردة وعدم تمكن المدرسين من إيصال المعلومة بشكل وافٍ في ظل ضيق الوقت المخصص للحصة الدراسية، وهذا ما يتفق عليه معظم أساتذة المدارس الذين التقيناهم.
فالآنسة رتيبة مدرسة صف ثانٍ تقول: بالنسبة للمعلومات الواردة في المنهاج الجديد جيدة، ولكن تنفيذ دروسها يحتاج لوقت أطول من الوقت المخصص للدرس، إضافة إلى افتقار المدارس للوسائل التعليمية فضلاً عن العدد الكبير للطلاب في الشعبة الصفية الواحدة، حيث إننا نقوم بتصحيح كتاب التلميذ ودفتره في مادة اللغة العربية وأيضاً الرياضيات، وهذا يتطلّب وقتاً كبيراً من الحصة، كما أنه من المفترض أن ننفذ تمرينين أو ثلاثة من دفتر تلميذ مادة الرياضيات ضمن الحصة الواحدة إلا أن الوقت لا يساعدنا. الآنسة رامية مدرسة صف أول من مدرسة وليد جبر تقول: تجاوزنا مشكلة عدم توافر الوسائل التعليمية في المدرسة من خلال صنعها بأيدينا أو اعتمادنا على الوسائل القديمة وتطويرها، ولكن المنهاج الجديد لا يتناسب وعدد الطلاب في الصف الواحد، فالدرس لا ينتهي في الوقت المحدد في حال اعتمدنا أسلوب المجموعات، كما أن تغيير المنهاج من الصف الأول إلى الرابع دفعة واحدة خلق لدى طالب الصف الثالث والرابع صعوبة في ظل وجود معلومات في الثالث والرابع تعتمد على معلومات من الأول والثاني غير موجودة الآن في الثالث والرابع.
فيما بيّن أستاذ للعلوم أن منهاج العلوم يصلح لأن يكون مرجعاً وليس كتاباً للعلوم، وهذا لا يناسب الجيل الجديد ولا حتى المدارس التي تفتقر إلى بعض الأدوات المساعدة على العملية التعليمية كوسائل الإيضاح والخرائط الجغرافية، مشيراً إلى قصر مدة الدورة التدريبية التي تلقاها المدرسون، معتبراً أنها غير كافية ولايمكن أن تحيط بكل جوانب المنهاج الجديد.
مقاييس عالمية
مدير المناهج في وزارة التربية عبد الحكيم الحماد أجاب عن كل ما يتعلق بكثافة المنهاج الجديد قائلاً: تم بناء المنهاج وتأليف الكتب المدرسية في ضوء المعايير الوطنية للتعليم العام ما قبل الجامعي، إذ تشكل هذه المعايير أساسيات ومحددات المناهج ومعايير للجودة في التعليم والتعلم، وجاء حجم وكثافة كتبنا بما ينسجم مع المقاييس والحجوم العالمية ولا تزيد كتبنا عن مثيلاتها في الدول المجاورة والمتطورة من ناحية الكم والحجم "الكثافة" وعلى العكس تماماً فإن المنهاج ركز على الأساسيات الضرورية التي يحتاج إليها المتعلم، حيث إنه يهتمّ بمهارات التفكير بدلاً من حفظ المعلومات واسترجاعها، وعندما يتمكّن المتعلم من أساليب التدريس ويمتلك مهارات التفكير لاكتساب المعارف يصبح المنهاج طبيعياً وليس كثيفاً.
أما فيما يتعلق بقصر الوقت فأضاف الحماد قائلاً: الوقت يكفي لعمليات التعلم الذاتي والتي تعدّ من أبرز استراتيجيات التعلم والتعليم التي اعتمدها المنهاج المطور، منوهاً أنه إذا ركز المعلم على أساليب التدريس القديمة التي كان يستخدمها سابقاً، فإنه بالتأكيد سيعاني من ضيق الوقت ولكن إذا استخدم طرائق التدريس التي تنسجم مع المناهج المطورة سيكون الوقت كافياً هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يستطيع المدرس والمعلم المتمكن المهتم الذي يتطور أداؤه باستمرار أن يكيف محتويات الكتب وفق الزمن المخصص لها في الخطة المدرسية.
البعث